شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي سلسلة غارات استهدفت مناطق في قضاء جزين، بالتزامن مع توتر سياسي متصاعد بين بيروت وواشنطن وتل أبيب حول مستقبل السلاح في لبنان.

وقالت مصادر أمنية إنّ الغارات استهدفت بلدات العيشية والمحمودية والجرمق، دون تسجيل خسائر بشرية، في حين وثّق ناشطون عبر مواقع التواصل مشاهد لدخان كثيف يتصاعد من مواقع القصف، وسط تحليقٍ منخفض للطائرات المسيّرة الإسرائيلية فوق قرى الزهراني وصولًا إلى الضاحية الجنوبية لبيروت.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي إن المواقع المستهدفة كانت "جزءًا من محاولات حزب الله لإعادة بناء بنيته التحتية العسكرية في الجنوب"، معتبرًا أن تلك الأنشطة تمثل "خرقًا للتفاهمات القائمة".

وأضاف عبر منصة "إكس" أن الجيش سيواصل عملياته "كلما اقتضت الضرورة لحماية إسرائيل من التهديدات القادمة من الحدود الشمالية".

وجاء التصعيد الميداني بعد ساعات من تحذير المبعوث الأميركي توم برّاك، الذي قال إن استمرار "تردد الحكومة اللبنانية في نزع سلاح حزب الله" قد يدفع إسرائيل إلى التحرك بشكل منفرد لتنفيذ المهمة.

وأكد برّاك أن نزع السلاح لا يمثل مطلبًا إسرائيليًا فحسب، بل فرصة للبنان لاستعادة سيادته وجذب الاستثمارات الدولية، مشيرًا إلى أن واشنطن وشركاءها الإقليميين مستعدون لدعم بيروت اقتصاديًا شرط أن يُحصر السلاح بيد الدولة.

في المقابل، أجرى رئيس مجلس النواب نبيه بري لقاءً مع الرئيس جوزيف عون في قصر بعبدا لبحث التطورات الأمنية جنوب البلاد، وملف المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل. وقال بري عقب الاجتماع إن "اللقاءات مع فخامة الرئيس دائمًا ممتازة"، من دون الإدلاء بتفاصيل إضافية.

وفي تصريح لاحق، كشف بري أن الوفد الأميركي أبلغه برفض إسرائيل مقترحًا بوقف العمليات لمدة شهرين لتهيئة أجواء المفاوضات حول الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية وترسيم الحدود. وأضاف أن "المسار الوحيد الجاري حاليًا هو عبر اللجنة الآلية (الميكانيزم)" التي تضم ممثلين للدول الراعية لاتفاق وقف إطلاق النار.

ورغم اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في نوفمبر 2024 برعاية أميركية، تواصل إسرائيل تنفيذ غارات على مواقع تقول إنها تابعة لحزب الله، في خرق متكرر منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ. كما تبقي قواتها متمركزة في خمس تلال جنوبية، رغم أن الاتفاق نص على انسحابها الكامل من المناطق التي توغلت فيها خلال الحرب الأخيرة.

ويرى مراقبون أن استمرار الغارات، بالتوازي مع تصاعد الضغوط الأميركية على الحكومة اللبنانية، يعكس مرحلة جديدة من الاختبار السياسي لاتفاق ما بعد الحرب، وسط تراجع الثقة بين الأطراف وضبابية المشهد الإقليمي بعد حرب غزة.